الخميس، 12 سبتمبر 2013

اتفاق اوسلو، رؤية سياسية نقدية

 د.محسن صالح
إتفاق اوسلو من الإتفاقات التي اجريت عليه مئات بل الالاف من الابحاث والدراسات، وسأحاول هنا ان الخص نقاط محددة حول مجموعة الملاحظات النقضية حول إتفاق اوسلو

النقطة الاولى: اتفاق اوسلو أعترفت فيه منظمة التحرير بحق اسرائيل بالوجود وبشرعية إحتلال ارض فلسطين التي احتلت سنة 1948، وهذا يشكل 78% من ارض فلسطين، وبهذا الإعتراف خرجت الارض المحتلة سنة 1948 من دائرة الصراع ومن دائرة التفاوض وبالتالي اي شيئ يتعلق بالتفاوض يتعلق فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة.

  النقطة الثانية: ان اسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني ولكنها في نفس الوقت لم تعترف بحق الشعب الفلسطيني في بأحقية إمتلاك الضفة الغربية وقطاع غزة.ولا يوجد اي تعهد من قبل الجانب الاسرائيلي في الانسحاب من الضفة الغربية اوقطاع غزة  النقطة الثالثة: الإتفاق لا يشير الى ان الضفة الغربية او قطاع غزة محتلة وهو يعزز الإعتقاد بأنها اراضي متنازع عليها وهذا السلوك الذي اراد الاسرائيليون اثباته طوال الفترة الماضية وبالتالي تثبيت موضوع الإستيطان وتبادل الاراضي.  النقطة الرابعة: تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية عن توقف المقاومة المسلحة وعن ممارسة الإنتفاضة او اي شكل بما يسمى بأشكال العنف والتزمت تماما في السلوك السلمي كما التزمت بحذف كل النقاط والبنود الداعية لتحرير فلسطين او تدمير الكيان الصهيوني من ميثاق الوطني والميثاق هو الذي قامت على اساسه منظمة التحرير التي تأسست عام 1964 ولم تكن الضفة الغربية او قطاع غزة محتل. وقد قام المجلس الوطني في العام 1996 واجتماع 1998 بإلغاء او تعديل 26 الى 33 مادة وبند من ميثاق المنظمة وهذا نسف لما نشئت عليه المنظمة.  النقطة الخامسة: هنا عندما تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية في اي شكل من اشكال العلاقة العمليات التفاوضية في موضوع تطوير السلطة الفلسطينية تعهدت في ان يتم ذلك فقط من خلال الوسائل السلمة وبالتالي ادخلت نفسها في عملية تحريم وتجريم المقاومة المسلحة اذا استخدمت تحت الارض التي تسيطر عليها وبالتالي وضعت نفسها في موضع ضبط في ملاحقة كل من يخالف خطها السياسي في مكان سيطرتها وهذا ما جعلها في الوسط بين الكيان الاسرائيلي والشعب الفلسطيني الرافض لعملية السلام والاستمرار بها والذي يريد عمليات المقاومة، مما ادخلها وكأنها ستنفيذ الملفات القذرة وبالتالي إتفاقية اوسلو ادخلها في موضع وكأنها في وضع ستنفذ الملفات القذرة المرتبطة بضرب المقاومة وملاحقة المقاومين وخلايا الجهاد بكافة اشكاله طالما انه يقاوم إن إسلاميا او يساريا او حتى فتحاويا فالسلطة الفلسطينية وبحسب اتفاق اوسلو مطالبة بوقف هذا السلوك، وهذا حول موضوع الإحتلال الاسرائيلي من الملفات القذرة التي كان ينفذها هو الى اتنفيذها طرف فلسطيني وحول الإستعمار الصهيوني القبيح والبشع الذي هو ابشع احتلال في التاريخ حوله الى إستعمار نظيف، ينفذه وكالاء اخرين.  النقطة السادسة: ان هذه الإتفاقية تركت إستكمال تطبيقها في توافق الطرفين، يعني تم الأتفاق بعض المظاهر الشكلية في موضوع تشكيل السلطة الفلسطينية الخ.. ايضا بعض مظاهر السيطرة على اجزاء من الضفة الغربية والقطاع ولكن كيف يتم تنفيذ البنود الاخرى الذي تم الإتفاق عليه ، لا توجد اي آلية دولية ملزمة للطرف الاسرائيلي في عملية التنفيذ، وبالتالي لا توجد مرجعية دولية ملزمة وبالتالي اي اتفاق يتم التوقيع عليه يتم بحسب الرغبة الاسرائيلية او الإرادة الاسرائيلية او برضى اسرائيل وهذا اوجد مشكلة حقيقية جديدة حيث ان اي اتفاق يخضع للمزاج الاسرائيلي وهذا ما جعل السلطة الفلسطينينة ان تنتبه بأن الاتفاق لا يمكن ان ينف الا بعد الرغبة او الرضى الإسرائيلية في تنفيذه. النقطة السابعة: لم يشر الاتفاق في حق الشعب في تقرير المصير او إقامة دولتهم المستقلة ولو على جزء من فلسطين  النقطة الثامنة: لم يتضمن الإتفاقية او لم تشر الإتفاقية عن دور منظمة التحرير في حماية الحدود او االامن الخارج ولا ان للسلطة الفلسطينية الى ولاية قانونية عن المستوطنيين في الضفة الغربية او قطاع غزة، وان السلطة الفلسطينية يمنع إدخال اي نوع من الاسلحة الا بإذن الاسرائيلي، وبالتالي اصبح هناك خنق امني اسرائيلي على السلطة الفلسطينية واصبح هناك خنق اقتصادي اسرائيلي ومع العلم ان 70 % من صادرات السلطة و 85% من واردات السلطة تذهب للكيان الاسرائيلي حتى هذه اللحظة.وايضا اصبح هناك حق تحكم في تحرك الافراد، حتى رئيس السلطة ياسر عرفات او ابومازن لا يستطيع ان يدخل او يخرج الا بإذن اسرائيل  النقطة التاسعة: الكارثة الاخرى، في اي دولة يتم حل القضايا الجوهرية ومن ثم قضايا التفصيلية ، ما حدث في الحالة الفلسطينية ان الإتفاق تم على الامور التفصيلية ولم يحل القضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين والحدود والمياه ولم يوضع سقف زمن لوضع حل لها وبالتالي ربط القضايا الجوهرية ايضا في الإرادة الاسرائيلية.  النقطة العاشرة: قد تحولت السلطة على إثر هذا القرار الى كيان وظيفي لا يرتبط إستقراره في الشعب الفلسطيني بقدر ما يرتبط إستقراره بمدى إستجابته للشروط الإسرائيلية الاخرى حيث من الممكن ان تقوم اسرائيل في حال عدم إستجابته لرغابتها بالضغط السياسي او الإقتصادي الخ..........  النقطة الحادي عشرة: ان قيادة منظمة التحرير عندما اقدمت على اتفاق اوسلو قامت بهذه الخطوة دون الرجوع الى الشعب الفلسطيني او العودة الى مؤسسات صناع القرار في الشعب الفلسطيني، حتى الموافقة من اللجنة التنفيذية ومنظمة التحرير فكانت بأغلبية ضئيلة جداً ومع إستقال عدد من اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكانت الموافقة التي حاولت الحصول عليها من مجلس الوطني الفلسطيني كان هذا الإجتماع بعد ثلاثة سنوات من توقيع الإتفاق اي في سنة 1996 فقد اضيف 400 عضو لا يملك رئيس مجلس الوطني اسمائهم وكانت المهام الموكل اليهم تعديل ميثاق منظمة التحرير والقبول بإتفاقية اوسلو.ولا بد من الإشارة الى ان الشعب الفلسطيني لا في الداخل ولا في الخارج قد استفتي بهذا الإتفاق، حتى ان فتح نفسها كان عندها معارضة كبيرة داخل قيادتها.  ولكن ما المهم من كل هذا، الكثير من الناس يتكلم عن الإنقسام الفلسطيني والثنائية الموجودة بين حماس وفتح، ولكن يمكن القول بأن هذا الإتفاق كرس الإنقسام قبل 14 سنة من مشكلة فتح وحماس اي قبل تاريخ الإنتخابات، كيف تكونت الفصائل العشرة التي عارضت هذه الإتفاق، وبالتالي فمن اثار هذا الإتفاق الشرخ الحقيقي في وسط الشعب الفلسطيني ليس فقط الفصائل الإسلامية "حماس والجهاد" انما ايضا الفصائل اليسارية والوطنية و االتقدمية التي انضمت الى الفصائل العشرة المعارضة لهذا الاتفاق واصبح هناك فرز حقيقي وإختلاف حقيقي في إدارة المشروع الوطني الفلسطين وصناعة القرار الفلسطيني، بسبب تفرد جهة إتخاذ القرار دون الرجوع الى الشعب الفلسطيني، وهذا سبب إشكالية حقيقية، وبالتالي الكلام عن الإنقسام يجب العودة الى جزور المشكلة الحقيقية.  ولاحظوا معي ان شخص اسمه ادوارد سعيد يأتي بعد الإتفاق وهو معروف كأحد اكبر المفكرين الفلسطينيين "يقول ان عرفات ورط شعبه بمصيدة لا مخرج منها بسبب هذا الاتفاق وانه القى بنفسه بين الامريكيين والإسرائيليين في عملية التفاوض"  هشام شرابي مثلا وهو ايضا باحث فلسطين معروف اتهم القيادة الفلسطينية عندما وقت اتفاق اوسلو تبدو انها لا تدري ما الذي يحصل حولها وانها لا تعرف كيف يتخد القرار وكيف يتم تقرير المصير وقال انها على درجة نسبة الصفر وقدرتها على المجابهة القدرات الإسرائيلية   النقطة الاخيرة، ان هذا الاتفاق فتح المجال على مصارعيه للدول العربية والإسلامية وغيرها مما كان يؤيد القضية الفلسطينية لعقد إتفاق مع الكيان الاسرائيلي وبناء علاقات مع الكيان الإسرائيلي وإختراق الاسرائيلي في المنطقة وبالتالي فك العذر الاسرائيلي في التوقيع والتغلغل في المنطقة ومحاربة القوة الاسلامية في كل اماكن وجودها وهذا كان خطير  الخلاصة، نحن امام إتفاق بحمل بزور فشله في ذاته، هذا الاتفاق يشكل امامنا كيان وظيفي وترتبط شروط بقائه ونموه بالإحتلال، درجة تشكل الدولة الفلسطينية مرتبطة بالرضى الاسرائيلي للاسف، نحن امام إتفاق يلتزم في العمل السلمي منعا اي سلوك مقاوم، نحن امام إتفاق يعطي الاسرائيلي التسويف والتاجيل الى ما لا نهاية، ويعطي الاسرائلي الحق في بناء الاستيطان وتغيير الحقائق على الارض.وبالتالي نحن امام اتفاق لم يشرع في تطوير السلطة الفلسطينية بقدر انه اوجد غطاء للإستيطان الاسرائيلي والتوسع الإسرائيلي والان وصل عدد المستوطنات الى 177 مستوطنة مع 220 نقطة إستيطانية إضافة الى الجدار العازل مع 64 قطعة مقطعه الضفة الغربية الخ... بحيث اننا امام حالة شبيهة بالجبنة السويسرية، ونحن بذلك ايضا امام إختراق إسرائيلي بالمنطقة، واما تكريس حالات الإنقسام.  
ورقة مقدمة في ورشة عمل "اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة: "بين اتفاق أوسلو والإعتراف بالدولة الفلسطينية، مراجعة سياسية وقانونية"، بيروت الاثنين 12 ايلول 2011، فندق الكومودور